تاريخ المحكمة الإتحادية العليا - المحكمة العليا الاتحادية
المحكمة الإتحادية العليا
رسم الدستور أن يكون للاتحاد محكمة اتحادية عليا. وهي أعلى هيئة قضائية بالإمارات العربية المتحدة أُنشأت بموجب القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973، وتباشر اختصاصاتها بموجب الدستور والمرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2022. وتُشَكَل المحكمة من رئيس وعدد من القضاة. وتختص بالفصل في دستورية القوانين والتشريعات واللوائح وفي طلبات تفسير أحكام الدستور ومساءلة كبار موظفي الاتحاد وفقاً للقانون، والفصل في الجرائم التي لها مساس مباشر بمصالح الاتحاد، وفي تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية المحلية، فضلاً عن النقض في المواد الإدارية والجزائية والمدنية والتجارية والأحوال الشخصية؛ وذلك لتحقيق العدالة وتوحيد كلمة القانون، كما أنيط بها توحيد المبادئ القضائية المتعارضة بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية؛ وذلك لإرساء مبدأ سيادة القانون وصيانة الحقوق والحريات.
المحكمة الاتحادية العليا في مسيرة الاتحاد
في فبراير عام 1968م كانت المبادرة الأولى لنشأة الاتحاد عندما عقد صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي اجتماعاً مع أخيه صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي "طيب الله ثراهما"، وتم إعلان اتحاد يضم إمارة أبوظبي ودبي كنواة وبداية لاتحاد أكبر وأشمل.
وفي 27 فبراير شباط عام 1968 اجتمع حكام الإمارات السبع أبوظبي، دبي، أم القيوين، رأس الخيمة، الفجيرة، الشارقة وعجمان، ووقعت اتفاقية بينهم عرفت باتفاقية اتحاد الإمارات العربية استجابة لنداء حاكمي أبوظبي ودبي، وجرى تدارس فكرة قيام اتحاد لجمع الشمل، كما شكل الحكام مجلساً أعلى ومجلساً تنفيذياً وأمانة عامة، وتعتبر هذه الاتفاقية هي أول وثيقة رسمية ورد فيها مصطلح (المحكمة الاتحادية العليا) وجعلتها من سلطات الاتحاد حسبما نصت عليه المادة (13) من الاتفاقية ....."أن يكون للاتحاد محكمة عليا تسمى (المحكمة الاتحادية العليا) يحدد القانون طريقة تشكيلها ونظامها واختصاصاتها".
وقد أفرد الفصل الخامس من دستور الإمارات العربية المتحدة (للقضاء في الاتحاد والإمارات) وأوجب في المادة (95) أن يكون للاتحاد محكمة اتحادية عليا. وتناول في المواد من (96) حتى (101) المحكمة الاتحادية العليا تشكيلها واختصاصها ومكان انعقادها وحجية الأحكام الصادرة منها. وعلى إثر ذلك أُنشأت المحكمة بموجب القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973 وتباشر اختصاصاتها بموجب الدستور والمرسوم بقانون اتحادي رقم 33 لسنة 2022.
المحكمة الاتحادية العليا في إتفاقية دبي لعام 1968م
يمكن القول أن " اتفاقية دبي " أو " اتفاقية اتحاد الإمارات العربية " التي وقعها حكام إمارات الخليج العربي بتاريخ 27/ فبراير عام 1968م في مدينة دبي أول وثيقة رسميه ورد فيها مصطلح " المحكمة الاتحادية العليا ". ولأن هذه الاتفاقية هي الأساس الذي انطلقت منه مفاوضات الاتحاد التساعي، والسند القانوني الذي شكلت على أساسه المجالس واللجان التي قامت بوضع مشروع دستور الاتحاد و هياكله الاتحادية ، ولذلك فمن المستحسن إلقاء إطلالة عجلى على هذه الاتفاقية تعميماً للفائدة. تتكون اتفاقية من ديباجة و(17) ماده موزعة على (3) أبواب، تصدرت ديباجتها أسماء وصفات الأطراف الموقعة، وهم بحسب ترتيب ورودهم في الاتفاقية:- صاحب العظمة الشيخ / زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبو ظبي صاحب العظمة الشيخ / راشد بن سعيد المكتوم حاكم دبي صاحب العظمة الشيخ / احمد بن علي آ ل ثاني حاكم قطر صاحب السمو الشيخ / احمد بن راشد المعلا حاكم أم القيوين صاحب السمو لشيخ / خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة صاحب السمو الشيخ/صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة صاحب السمو الشيخ / محمد بن حمد الشرقي حاكم الفجيرة صاحب السمو الشيخ / راشد بن حميد النعيمي حاكم عجمان كما تضمنت الديباجة عده فقرات بينت الغرض من الاجتماع والهدف من توقيع الاتفاقية . ومما ورد فيها:- " ولما كان الإجماع منعقداً على أن إنشاء اتحاد يشمل جميع الإمارات العربية في الخليج بما فيها إمارتي أبو ظبي ودبي أوفى بتحقيق الغرض الذي نشدته هاتان الإمارتان وترنو إليه آمال شعوب المنطقة بِأسرها. ودعماً لأواصر الأخوة الوثيقة بين جميع الإمارات العربية في الخليج وتثبيتاً للروابط القوية التي تجمع بين هذه الإمارات. وحرصاً على توجيه جهودها بكل الوسائل المستطاعة إلى ما فيه صلاح أحوالها وتأمين مستقبل بنيها . وتحقيق الخير الأمة العربية جمعاء. و استجابة لرغبة شعوب المنطقة في تعزيز أسباب الاستقرار في بلادها وتحقيق الدفاع الجماعي عن كيانها و صيانة أمنها وسلامتها، وفقاً لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية.
إختصاصات المحكمة الاتحادية العليا
لم ترد اختصاصات المحكمة أو المسائل التي للمحكمة ولاية النظر والفصل فيها مجمعة في قانون خاص مستقل، وإنما جاءت موزعة ومفرقة في ثنايا نصوص تشريعية مختلفة. ومع ذلك فإنه من الممكن حصر الموارد التي وردت فيها اختصاصات المحكمة في ثلاثة موارد:
- المنازعات المختلفة بين الإمارات الأعضاء في الاتحاد، أو بين أية إمارة أو أكثر وبين حكومة الاتحاد، متى أُحيلت هذه المنازعات إلى المحكمة بناء على طلب أي طرف من الأطراف المعنية.
- بحث دستورية القوانين الاتحادية، إذا ما طعن فيها من قبل إمارة أو أكثر لمخالفتها لدستور الاتحاد. وبحث دستورية التشريعات الصادرة عن إحدى الإمارات، إذا ما طعن فيها من قبل إحدى السلطات الاتحادية لمخالفتها لدستور الاتحاد، أو للقوانين الاتحادية.
- بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماً، إذا ما أُحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم البلاد أثناء دعوى منظورة أمامها وعلى المحكمة المذكورة أن تلتزم بقرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر بهذا الصدد.
- مساءلة الوزراء وكبار موظفي الاتحاد المعينين بمرسوم، عما يقع منهم من أفعال في أداء وظائفهم الرسمية بناء على طلب المجلس الأعلى ووفقاً للقانون الخاص بذلك.
- الجرائم التي لها مساس مباشر بمصالح الاتحاد، كالجرائم المتعلقة بأمنه في الداخل أو في الخارج، وجرائم تزوير المحررات أو الأختام الرسمية لإحدى السلطات الاتحادية، وجرائم تزييف العملة.
- تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية المحلية في الإمارات.
- تنازع الاختصاص بين هيئة قضائية في إمارة وهيئة قضائية في إمارة أخرى. وتنظيم القواعد الخاصة بذلك بقانون اتحادي.
- أية اختصاصات أخرى منصوص عليها في هذا الدستور أو يمكن أن تحال إليها بموجب قانون اتحادي.
- أية اختصاصات أخرى منصوص عليها في هذا الدستور أو يمكن أن تحال إليها بموجب قانون اتحادي.
- الاعتراض الذي قد يثيره المجلس الأعلى للاتحاد على إبرام الإمارات للاتفاقيات الدولية التي يجوز لها عقدها طبقاً لنص المادة (123) من الدستور.
- الخلاف الذي قد يثور بين إحدى الإمارات والسلطة الاتحادية المختصة في شأن إبرام هذه السلطة معاهدة أو اتفاقية دولية تمس المركز الخاص لتلك الإمارة وذلك عملاً بالمادة (124).
- التعارض الذي قد يقوم بين هذا الدستور ودساتير الإمارات، أو بين القوانين الاتحادية والتشريعات واللوائح والقرارات الصادرة عن سلطات الإمارات، وذلك عملاً بالمادة (151).
وهذه الاختصاصات دليل على مكانة وأهمية المحكمة الاتحادية العليا في النظام الاتحادي للدولة.